المنتدى الدولي الثاني للتكيف مع التغير المناخي: التحدي ليس بيئياً فقط بل قضية إنمائية
22 Mar 2018تحت رعاية معالي الدكتور ثاني أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة، انطلق اليوم (الاثنين) المنتدى الدولي الثاني للتّكيف مع التّغير المناخي الذي تنظمه جامعة زايد بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة و"شبكة التّكيف مع التّغير المناخي العالمية لمواجهة تحديات التّغير المناخي"، بهدف تعزيز التواصل المعرفي وتبادل الخبرات في هذا المجال، من خلال استعراض أفضل الممارسات العالمية واتخاذ القرارات الهادفة، وأيضاً تأسيس شبكات إقليمية تتواصل فيما بينها في سبيل الارتقاء بالبيئة المناخية العالمية.
ويهدف المنتدى، الذي يستمر يومين في فندق "راديسون بلو" بجزيرة ياس، إلى استقطاب أصحاب القرار في الشأن البيئي، على مستوى تبادل المعارف البيئية وخاصة من منطقة الخليج، وذلك تكريساً وتفعيلاً لمقرّرات قمة باريس للمناخ.
وألقى سعادة الأستاذ الدكتور رياض المهيدب مدير جامعة زايد كلمة أوضح فيها أن المعدل السريع للنمو السكاني أدى إلى زيادة الطلب المتزايد على الأنشطة الصناعية التي تؤدي، من بين العديد من الأنشطة البشرية الأخرى، إلى الإفراط في إطلاق الغازات الدفيئة، وثاني أكسيد الكربون الذي أنتج العديد من سيناريوهات تغير المناخ.
وأشار إلى أن اجتماعات مؤتمرات الأطراف (COP) تخلص مرارًا وتكرارًا إلى أن تغير المناخ لا يعرف حدودًا، فلا يمكن لأي بلد معالجة تغير المناخ والتكيف من تلقاء نفسه، وإنما هذا تحدٍّ يجب معالجته على مستوى العالم. ومع ذلك، مشدداً على أن تغير المناخ ليس فقط تحدياً بيئياً. إنه قضية إنمائية لها عواقب اقتصادية واجتماعية هائلة، ونحن بحاجة إلى معرفة حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تقف ضد التنمية المستدامة.
وقال د. المهيدب: في العامين الماضيين، بلغ نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الإمارات العربية المتحدة 23.6 طن متري، وانخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد في الإمارات العربية المتحدة تدريجياً من 31.07 طن متري في عام 1997 إلى 23.6 طن متري في عام 2016. واتخذت سلسلة من المبادرات الوطنية مجموعة من التدابير القائمة على استخدام التكنولوجيا والحلول المبتكرة وأفضل الممارسات، وتشمل:
اعتماد خيارات الطاقة النظيفة، تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد أخضر منخفض الكربون، احتضان العمارة الخضراء والبناء المستدام، تحسين استدامة قطاع النقل، تقليل البصمة البيئية، والبحث والتطوير لتكنولوجيات احتجاز الكربون وتخزينه.
وفي ضوء نجاحات الإمارات في مجال الطاقة والمبادرات المذكورة، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله) في 2017 "استراتيجية الإمارات للطاقة 2050"، وهي أول استراتيجية للطاقة موحدة في الدولة ﻣﻦ ﺣيث اﻹﻧﺘﺎج واﻻﺳﺘﻬﻼك، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻮازﻧﺔ اﻹﻧﺘﺎج واﻻﺳﺘﻬﻼك واﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ وﺿﻤﺎن ﺑﻴﺌﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﺮﻳﺤﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى زيادة حصة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الوطنية إلى 50٪ بحلول عام 2050، مع الأخذ في الاعتبار معدل نمو الطلب على الطاقة المقدّر بحوالي 6٪ حتى عام 2050. وهذا سيحول دولة الإمارات من كونها طاقة وقود أحفوري مكثفة. وسيزيد هذا من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الإمارات.
وقال مدير جامعة زايد إن النظم الإيكولوجية والاقتصادات والمجتمعات المحلية تواجه تحديات لا نظير لها نتيجة لتغير المناخ، والحاجة إلى مقاربات للتكيف مع تغير المناخ بشكل جيد تزداد قوة. فلقد تكيف البشر على مدى قرون، ولكنهم بحاجة إلى سرعة أكبر قريباً، وسيزداد الطلب على البنية التحتية ذات القيمة العالية والمناطق الضعيفة ذات التنوع البيولوجي المتناقص.
وأوضح أن مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة في الميدان تعمل على مواجهة هذه التحديات.
وشدد على أن القدرة على التكيف ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية. ومن المرجح أن تبلغ التكاليف الاقتصادية للتكيف مع تغير المناخ مليارات الدولارات سنوياً خلال العقود القليلة القادمة. وقد وعدت البلدان المانحة بمبلغ 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020 من خلال صندوق المناخ الأخضر للبلدان النامية للتكيف مع تغير المناخ.
وقال إن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر بمثابة عامل عالمي مهم في مجال التكيف مع تغير المناخ، وسوف تُظهِر العروض المحلية من "مصدر"، وجامعة زايد، ووكالة البيئة بأبوظبي وغيرها في هذا المنتدى، كيف تتأقلم الإمارات مع آثار تغير المناخ وتوفر فرصة لإظهار كيف يمكن تطبيق التقنيات والحلول المتقدمة هنا في أماكن أخرى من العالم.،
وقال: سيشجع هذا المنتدى اليوم على استيعاب وتقاسم المعارف والخبرات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ التي تعتبر ذات أهمية حاسمة للإبلاغ عن صنع القرار والتخطيط والممارسة. فبالتعاون مع المكاتب الإقليمية للشبكات الإقليمية والبيئة التابعة للأمم المتحدة، يقوم هذا المنتدى ببناء الجسور بين شبكات التكيف الجديدة والموجودة بالفعل من خلال مبادرات مختلفة واجتذاب صانعي السياسات والعلماء والمانحين والشباب والممثلين لمناقشة الفرص والاتفاق على التعاون في الحلول والمقاربات المتكاملة، والشراكات مع القطاعين الخاص والتكنولوجي والمالي، والتي يمكن أن تساعد في معالجة الثغرات في التمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات حول التكيف.
وألقى معالي إنيا سيرويراتو، وزير الزراعة والتنمية الريفية والبحرية والإدارة الوطنية للكوارث في (فيجي) كلمة أوضح فيها أن بلاده استثمرت أكثر من 50 مليون دولار لإنشاء السندات الخضراء في فيجي، والتي تم إطلاقها في أكتوبر 2017. وأشار إلى أن المشروع يطور بشكل إيجابي سوق رأس المال المحلي لأنه يوسع عدد أدوات تمويل المناخ المتاحة، ويحفز استثمارات القطاع الخاص التي تعزز النمو الاقتصادي المستدام والحد من الفقر".
وذكر أن فيجي ستستخدم أيضا عائدات السندات لدعم تحقيق هدفها الحالي لمساهمة محددة وطنيا، وهو 100 % من الطاقة المتجددة وتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطاقة بنسبة 30 % في بحلول عام 2030
ومن جهته، أشار المهندس فهد محمد الحمادي مدير إدارة التغير المناخي بوزارة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن الدولة حققت تقدمًا كبيرًا في وضع إطار لتقييم مخاطر تغير المناخ فيها، يتضمن خمسة معايير رئيسية، مع التركيز المفرط على قطاع الصحة في المرحلة الحالية، تليها البنية التحتية للطاقة والبيئة.
وقال: "في جوهر خطة المناخ لدينا، نهدف إلى الوصول إلى الطاقة الوطنية النظيفة بنسبة 27 % بحلول عام 2021، و50 % بحلول عام 2050. ونحن نعمل من أجل تحقيق هذه الأهداف الطموحة من خلال إدخال الطاقة النووية والمتجددة السلمية على نطاق واسع".
وأضاف أن دولة الإمارات العربية المتحدة تستثمر بشكل هائل في التحول إلى الطاقة المتجددة، والتي تجلب لها المزيد من أمن الطاقة، وتسهل تطوير صناعات جديدة، وخلق الآلاف من فرص العمل، وتحقيق منافع بيئية وصحية من خلال الحد من الانبعاثات الضارة.
ومن جهته، قال هيروشي أونو، نائب المدير العام لشئون البيئة العالمية بوزارة البيئة في اليابان، إن الوزارة أنشأت منصة للتكيف مع تغير المناخ لتوفير البيانات والمعلومات العلمية من أجل دعم تدابير التكيف على المستوى المحلي، سعياً إلى زيادة تعزيز جهوده.
وأضاف: "لقد ظلت اليابان تدعم البلدان النامية الضعيفة في جهودها لتقييم تأثير تغير المناخ والتكيف معه. وهي بالإضافة إلى ذلك، تهدف إلى تأسيس منصة المعلومات التكيفية في آسيا والمحيط الهادي بحلول عام 2020 كبنية معلومات أساسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من أجل تسهيل تنفيذ اتفاقية باريس. "
وقال بارني ديكسون، رئيس وحدة التكيف مع تغير المناخ في الأمم المتحدة للبيئة: "إن تأثيرات تغير المناخ باتت أكثر وضوحاً كل يوم، وأصبح من المسلم به أن التكيف أصبح مهمة عاجلة. وسوف يحدد هذا المنتدى بعض أكثر التقنيات والحلول فاعلية، من خلال الاستفادة من تجربة منطقة الخليج".
ومن جانبه، أشار الدكتور فارس هواري عميد كلية العلوم الطبيعية والصحية بجامعة زايد، إلى تأثير المنتدى في تعزيز النمو المعرفي للطلبة، كما يوفر فرصة ممتازة لعدد من أعضاء هيئة التدريس الذين يعملون على قضايا تغير المناخ والتكيف معها.
وأكد أن المنتدى سيضع جامعة زايد في دائرة الضوء كمساهم مهم في أجندة التغيير والتكيف في الإمارات، مما يعزز مكانتها كواحدة من الجامعات الرائدة في المنطقة، والمساهمة في رؤى دولة الإمارات".