معالي الشيخة لبنى القاسمي تفتتح منتدى "الطريق من باريس" بجامعة زايد
17 Mar 2016أكدت معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة دولة للتسامح ورئيسة جامعة زايد، التزام حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بتطوير اقتصاد مستدام من خلال مبادرات متعددة تشمل حماية البيئة، والاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، والمباني الخضراء، وغيرها.
ونوهت باستراتيجية الابتكار التي أطلقتها الدولة والتي تدعو إلى استثمار 300 مليار درهم في مختلف الجوانب التي تساعد على تنويع الاقتصاد وتطوير الصناعات الخضراء المستدامة.
جاء ذلك خلال كلمتها التي ألقتها معاليها في افتتاح "منتدى مفاوضات التغير المناخي: الطريق من باريس"، الذي نظمته جامعة زايد في مركز المؤتمرات بفرعها في أبوظبي، بحضور سعادة الأستاذ الدكتور رياض المهيدب مدير الجامعة وممثلين عن إدارة شؤون الطاقة والتغير المناخي بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والمكتب الإقليمي لمنطقة غرب آسيا والقطاع الخاص بالدولة، وهي الجهات المشاركة في تنظيم المؤتمر مع كلية آداب وعلوم الاستدامة بجامعة زايد، كما حضره ممثلون عن معهد "مصدر" وجامعة نيويورك بأبوظبي وجامعة خليفة وجامعة أبوظبي.
واستهدف المنتدى تقييم نتائج اجتماعات الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن المناخ التي عقدت في باريس في ديسمبر الماضي، مع التركيز بشكل خاص على آثارها على دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي.
وتُعقَد مؤتمرات الأمم المتحدة بشأن المناخ سنوياً في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيير المناخي، ودوراته التي بدأ انعقادها في منتصف تسعينات القرن الماضي، هي بمثابة اجتماعات رسمية لأطراف الاتفاقية لتقييم ما يتم إحرازه من تقدم في التعامل مع هذه الظاهرة، والتفاوض بشأن "اتفاقية كيوتو" لإبرام التزامات ملزمة قانوناً للدول المتقدمة بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وقالت معالي الشيخة لبنى القاسمي في كلمتها: "لقد تسبب المعدل السريع للنمو السكاني في تزايد الطلب على الأنشطة الصناعية، التي تؤدي، من بين عديد من الأنشطة البشرية الأخرى، إلى انبعاث مفرط للغازات المسببة للاحتباس الحراري، وخاصة ثاني أكسيد الكربون".
وأشارت إلى أن "مستوى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قد ارتفع من 280 جزءاً من المليون، قبل الثورة الصناعية، إلى 379 جزءاً من المليون في عام 2005، ليصل إلى المستوى الحالي 400 جزء في المليون. وهذه الانبعاثات تتسبب في تغير المناخ في العالم، تاركة آثاراً خطيرة على بيئة كوكبنا، وكذلك على أساليب عيشنا".
وأوضحت أن العديد من الدراسات أفاد بحدوث زيادة في متوسط درجات حرارة الجو العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية منذ أوائل القرن العشرين، وحدوث زيادة بنحو درجة واحدة على مدى الأعوام الثلاثين الماضية.
وأضافت معاليها: "كثيراً ما تُعقد مؤتمرات الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي، وتنتهي دائماً إلى أن التجارة والأعمال ليست السبيل الأمثل للتعامل مع قضية التغير المناخي، ذلك أن التغير المناخي لا يعرف حدوداً، ولا يمكن لأي بلد أن يتصدى له وحده، وإنما يحتاج الأمر إلى تكاتف العالم كله لمواجهة هذا التحدي".
وأكدت أن التغير المناخي ليس فقط تحدياً بيئياً، وإنما يمس قضية التنمية ككل، إذ أن له عواقب اقتصادية واجتماعية هائلة، ونحن بحاجة إلى معرفة حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تقف عائقاً أمام التنمية المستدامة.. ولذا، فقد حثت الأمم المتحدة بقوة في اجتماعات الدورة الحادية والعشرين لمؤتمرها بشأن المناخ، التي عقدت بباريس في ديسمبر الماضي، على إعادة تحديد الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية لتصبح 17 هدفاً للتنمية المستدامة، وذلك عملاً على توسيع مفهوم الاستدامة ومطالبة الدول بالعمل محليا وإقليميا وعالميا لتحقيق ذلك ضمن السياقات الاقتصادية والاجتماعية.
وقالت معاليها: لقد حشدت قمة المناخ في باريس لأول مرة جميع الدول حول قضية مشتركة، ووضعتها أمام مسؤولياتها التاريخية والحالية والمستقبلية. والهدف الرئيسي للاتفاق العالمي بهذا الشأن هو الإبقاء على معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية، هذا القرن، دون درجتين مئويتين، ودفع الجهود الرامية للحد من تزايد ارتفاع درجات الحرارة إلى أبعد من ذلك؛ أي إلى 1.5 درجة مئوية أعلى من مستوياتها التي كانت عليها قبل الثورة الصناعية". وخلصت إلى القول بأن "حد الـ 1.5 درجة مئوية يشكل خط دفاع أكثر أماناً بكثير من أسوأ آثار التغير المناخي".
واختتمت معالي الشيخة لبنى كلمتها قائلة إن انعقاد هذا المنتدى بجامعة زايد يجيء في وقته المناسب، حيث سيكون له تأثيره على الشكل المستقبلي لبرامج البحوث العلمية والهندسية الأساسية.
ونوهت إلى أن المنتدى يَعتبر أن العوامل الاجتماعية تؤثر على أولويات الموارد الطبيعية والعديد من أبعاد التنمية المستدامة التي ستحدد في وقت لاحق مواضيع البحث في هذه المنطقة.
وأكدت أن قضايا تغير المناخ هي مسائل متعددة الاختصاصات وعابرة للحدود، وأن التعاون المستمر بين المؤسسات الأكاديمية والجهات المعنية في القطاعين العام والخاص هو المفتاح الرئيسي لإطلاق الوعود حول خلق الاقتصاد الأخضر منخفض الكربون.
وعقب كلمة معالي الشيخة لبنى القاسمي بدأت الجلسات العلمية للمنتدى، حيث بدأتها شيماء العيدروس، من إدارة الطاقة والتغير المناخي بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، فقدمت عرضاً حول "اتفاقية كيوتو" التي صدرت عن قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل عام 1992، وهدفت إلى تحقيق تثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من التدخل البشري في النظام المناخي.
وأوضحت أن الاتفاقية دعت إلى اتخاذ خطوات مستقبلية تتمثل في الاعتماد على الطاقة البديلة وإيجاد بدائل نظيفة للطاقة، كما دعت إلى إقامة نظم ومناهج بحث لتقدير انبعاثات الغازات الدفيئة، ودراسة الآثار السلبية الناجمة عنها، وكذلك التبعات الاقتصادية والاجتماعية لمختلف السياسات التي تواجه المشكلة، والعمل على إنتاج وتطوير تقنيات صديقة للبيئة من خلال التركيز على الأنواع الأقل استهلاكاً في الوقود، وبالتالي أقل من حيث احتراق الوقود وانبعاثات الغازات الضارة.
وقالت إن الاتفاقية دعت أيضاً إلى التعاون الفعال في مجالات تطوير التعليم وبرامج التدريب والتوعية العامة في مجال التغير المناخي بما يهدف إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
ونوهت في هذا الصدد بوجود تخصصات العلوم البيئية في جامعة زايد ومعهد "مصدر" لإثراء الطلبة بالمعلومات الكافية عن التغير المناخي وتطوير جيل جديد من الباحثين يهتم بالطاقة البديلة والمستدامة.
ومن جهته، أشار الدكتور فارس هواري الأستاذ بكلية آداب وعلوم الاستدامة بجامعة زايد ورئيس اللجنة المنظمة للمنتدى إلى أنه "من أجل تحقيق اقتصاد يقوم على تقليل الكربون، ويساهم في التعامل مع تحديات التغير المناخي، يجري حالياً استكشاف مصدر طاقة بديلة عن الوقود القائم على الكربون مثل الطاقات الشمسية والنووية والهيدروجينية المرتبطة بتكنولوجيات الإمداد المائي".
وأكد أن في تراث مؤسس دولة الإمارات، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – ما يمكن أن نعتبره خارطة طريق لتحقيق الاقتصاد قليل الكربون، ومنها قوله: "علينا أن نستثمر ثروتنا البترولية للاستفادة منها في المجالات الاقتصادية الأخرى وألا نعتمد على البترول وحده كمصدر رئيسي للدخل القومي بل علينا أن ننوع مصادر دخلنا وأن نبني المشاريع الاقتصادية التي تؤَمِّن لأبناء هذه الدولة الحياة الحرة الكريمة والمستقرة" .
وتحدث د. عبد المجيد حداد، من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فاستعرض الإجراءات الجديدة التي دعت إليها قمة باريس حول التغير المناخي، والتي تتمثل في الحفاظ على المبادئ العامة في هذا التغير ولكن بمسؤوليات وقدرات جديدة، وضرورة وضع جميع دول العالم أمام مسؤوليتها في تبني سياسات واتخاذ إجراءات تنفيذية لتحقيق أهداف اتفاقية كيوتو، إضافة إلى الشفافية، وتحسين عمليات التطور والتكيف مع المتغيرات المناخية.
وأشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي ستعمل على المحافظة على الاقتصاد وتركز على الإجراءات البيئية مثل تقليل الدعم على المحروقات والكهرباء، كما ستتجه تقليل استخدام الكربون في الزراعة والمكافحة المتكاملة للسلبيات الناجمة عن التغير المناخي.
ومن جانبه، تحدث سمير عساف، من إدارة الطاقة والتغير المناخي بوزارة الخارجية والتعاون الدولي، عن التحديات الكبرى التي مازالت متبقية في أزمة التغير المناخي ويتعين من أجلها إصلاح الإطار السياسي لمواجهتها.
وقال إن دولة الإمارات تتجه إلى التحول نحو الاقتصاد المستدام، واستخدام الطاقة البديلة والاستثمار فيها، منوهاً بمحطة "شمس" للطاقة الشمسية واهتمام الجامعات مثل جامعة زايد ومركز "مصدر" بموضوع الطاقة البديلة والاستدامة.
كما نوه بجائزة زايد للقيادة البيئية التي تم إطلاقها في مارس 2011 واستراتيجية النمو الأخضر التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في عام 2015.
وأوضح أنه مازالت أمام دولة الإمارات تحديات تتمثل في النمو السكاني، والتطور العمراني، والصناعة، ومحدودية الموارد البيئية، كما أن أمامها فرصاً تتمثل في تثقيف جيل الشباب، تنويع الاقتصاد، وتعزيز الاعتماد على السياحة، والتطور المعلوماتي. وأشار في هذا الصدد إلى عوامل مختلفة لنجاح المسيرة مثل دعم القيادة الرشيدة، وتعزيز الاتصال، ونمو روح الفريق والإدارة المؤهلة ووفرة المعلومات وسهولة الوصول إليها.