محاضرة في جامعة زايد حول تقاليد تقديم الشاي في اليابان
06 Mar 2016تحت رعاية معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة دولة للتسامح ورئيسة جامعة زايد، وبحضور سعادة الأستاذ الدكتور رياض المهيدب مدير جامعة زايد وسعادة هيساشي ميتشيغامي القنصل العام الياباني في دبي، استضافت الجامعة في فرعها بدبي محاضرة حول أساليب تقديم وتناول الشاي في اليابــان، تحـــدثت خلالها السيدة ماكيكو سين، التي تعد من أكبر خبراء ومعلمي هذا الفن، الذي يعرف في الثقافة اليابانية باسم "أوراسينكي"، وحضرها عدد من أعضاء الهيئتين الغدارية والتدريسية وجمهور غفير من الطلبة.
وألقى د. المهيدب كلمة ترحيبية نوه فيها بالثقافة والتقاليد اليابانية وما تتميز به من وجوه متعددة تضرب بجذور عميقة في التاريخ إلى آلاف السنين. وقال إنه كثيراً ما زار اليابان وحضر عدة مناسبات لفن الشاي هناك، موضحاً أن طلبة جامعة زايد توّاقون إلى التعرف على أفكار وخبرات جديدة تعزز تواصلهم مع ثقافات العالم، والثقافة اليابانية بشكل خاص.
وخلال محاضرتها، أشارت سين إلى أنها ورثت أصول وقواعد هذا الفن عن أجدادها، حيث إنها ابنة "زابوساي سوشيتسو سين"، المعلم الأكبر السادس عشر لتقاليد وأصول الـ "أوراسينكي".
وقالت إن الشاي، الذي يسميه اليابانيون "ماتشا" هو مسحوق أخضر يقدَّم ممزوجاً بالماء الساخن ويعد عنصراً أساسياً وفاعلاً في حياة اليابانيين، كما كان أساساً لمذهب جمالي وروحاني كان له أثر واسع وعميق في ثقافتهم، كما لم يفعل في أي بلد آخر.
وأوضحت أن أول من قدمه هم رهبان إحدى الطوائف البوذية، الذين استخدموه بعد عودتهم من الدراسة في الصين كمنبه لطيف لتنقية العقل أثناء التأمل، كما تم تقييمه كدواء، بالإضافة إلى استخدامه الرمزي في المراسم، وبعد ذلك انتشر الاستمتاع بـ "ماتشا" بين الطبقات الحاكمة وطبقات النبلاء التي تعددت لديها وظائف الشاي.
ومن هذا التباين في استخدام الـ "ماتشا" تطورت فكرة اجتماعات الشاي، وأدى هذا إلى ابتكار غرف مصممة خصيصاً لمثل هذه الاجتماعات، ومن ثم كان ظهور المفهوم الجمالي البسيط القائم على تقدير الجمال البسيط والرقيق الذي يمكن اكتشافه في أشياء تبدو متواضعة.
وأشارت المحاضِرة إلى أنه في القرن السادس عشر، أدرك "سين ريكيو"، وهو رجل ذو بصيرة خلاقة، وكان رمزاً رائداً في الساحتين الثقافية والسياسية في عصره، جوهر هذه الأفكار في طريقته البسيطة المجسدة في طراز بيت مسقوف بالقش لعمل الشاي، واستطاع بحسه الفني النادر أن يحول نشاط تحضير الشاي وتقديمه وتناوله إلى نظام شامل، واضعاً الأسس لفن تقديم الشاي.
وقالت: إن تجمع الناس حول طقوس الشاي اليابانية يمثل وقتاً ممتعاً وكوب الشاي يُقَرِّب الغرباءَ بعضهم إلى بعض. لكن ريكيو حقق إنجازاً استثنائياً هو أنه أضفى على هذه الطقوس قبساً من الروحانية، وتتلخص هذه الروحانية في مبدأ ريكيو المؤلَّف من أربع كلمات: "وا كى سي جاكو".
وأشارت إلى أن الكلمة الأولى "وا" تعني التجانس، الواجب تحققه في العلاقات الإنسانية، وفي ما بين الإنسان والطبيعة، وفي اختيار أواني الشاي وفي طريقة استخدامها وفي جميع أوجه التشادو الأخرى.
والكلمة الثانية "كي" تعني الاحترام، حيث يتم إبداء الاحترام لجميع الأشياء النابعة من مشاعر الامتنان الصادق لوجودها. والكلمة الثالثة هي: "سي" التي تعني النقاء، بمعنى النظافة الدنيوية والروحية، وأما الكلمة الرابعة فهي "جاكو"، التي تعني الهدوء، وبلوغ حالة من السلام الروحي.
وأوضحت المحاضِرة أن الدارسين لفن الشاي الياباني يتعلمون من "تشادو" الاهتمام بكل ما يتضمنه من عناصر: المكان، والأدوات المستخدمة، وآداب التعامل، والأغذية، وحتى المياه المستخدمة.. ومن خلال تدريبهم ودراستهم، يتوق هؤلاء إلى تهذيب أنفسهم وترقيتها كبشر.
وفي الحي القديم الهاديء في كيوتو، عاصمة اليابان الثقافية، بقيت ممتلكات "أوراسينكي" التابعة لعائلة "سين" في موقعها الحالي لمدة ثلاثة قرون ونصف القرن، وصنفت غرف الشاي والحدائق كملكية ثقافية مهمة للحكومة اليابانية، لأهميتها في الفن والتاريخ الثقافي الياباني.
هذا، وقد صاحب المحاضرة عرض أدائي حي على المسرح لفن وتقاليد الشاي الياباني، وفي ختامها انتقل الحضور إلى الصالة المركزية "الأتريوم" بوسط الحرم الجامعي، حيث تم تقديم الشاي وتذوقه وفق أصوله اليابانية.