جامعة زايد تستضيف حلقة نقاشية حول الإسلام السياسي وثقافة الكراهية

05 Mar 2015

استضافت جامعة زايد في مركز المؤتمرات بفرعها بأبوظبي حلقة نقاشية نظمها مركز المزماة للدراسات والبحوث بعنوان "الإسلام السياسي وثقافة الكراهية". حضر الحلقة سعادة الأستاذ الدكتور رياض المهيدب  مدير الجامعة وأعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية وحشد من الطلبة والطالبات.

وشارك في الحوار كل من د. عبد الحميد الأنصاري (كاتب وباحث قطري وأستاذ السياسة الشرعية السابق في كلية القانون بجامعة قطر)، والدكتورة أمل بالهول (مستشارة الشؤون المجتمعية والثقافية في مؤسسة وطني الإمارات)، وسعيد ناشيد (كاتب ومفكر حر - المغرب)، وأداره د. سالم حميد مدير مركز المزماة للدراسات والبحوث.

وأكد سعادة مدير الجامعة أهمية عقد مثل الأنشطة التثقيفية لما لها من أثر إيجابي عام وتوعية مفيدة للطلبة من خلال حوار منهجي يتوخى الوصول إلى اليقين وتأكيده كما ينقي أذهان الشباب من الأخلاط والأفكار المشبوهة، ويساعد على تطوير شخصياتهم وأدوارهم كمنتجين فاعلين في مجتمعاتهم.    

ونبه المتحدثون في الحلقة إلى المخاطر التي تكمن وراء الإسلام السياسي وأساليب تسييس الدين، إضافة إلى ثقافة التكفير التي يستند إليها الإرهاب والتي تنبثق منها الكراهية داخل المجتمعات، كما حذروا من العوامل التي تساعد على استنبات أسباب التطرف، والذي ينتشر غالباً في بيئات وعي مغلوط، قد تكون في محيط الأسرة أو المؤسسة التعليمية أو حتى المساجد التي يمكن أن يحتكرها البعض تحت مسمى "الدعاة".  

وأكد د. سالم حميد أنه لا يوجد في الواقع إسلام سياسي وغير سياسي والمتغير هو فهم الناس حيث أن أصحاب هذه الأفكار يسعون إلى أهداف سياسية ويستغلون الدين لهذه الأهداف، مشيراً إلى أن الشباب مستهدفون، وأن "داعش" على سبيل المثال يغررون بالبشر مدعين أنهم خلفاء للإسلام، ويبين الواقع أن ما يطبقونه بعيد عن الإسلام ومحرف عنه وتنفر منه الفطرة البشرية السليمة، مشيراً إلى مثال ارتكاب التنظيم الإرهابي "داعش" جريمة حرق الطيار الأردني، ثم تبريره لها بعد ذلك باستناده إلى مقولة لابن تيمية.

أما الدكتورة أمل بالهول فأوضحت أن المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، والشيوخ أقسموا في مقدمة الدستور على ألا يتركونا نخاف، مشيرة إلى أن جرائم مثل جريمة شبح الريم وجرائم الذبح والحرق التي ترتكبها الجماعات المتطرفة تحاول أن تثير الرعب في نفوسنا، وعلينا أن نؤكد على أهمية التوعية والتركيز على المفاهيم الصحيحة وضرورة تحري الدقة في فهم النصوص الدينية وتفسيراتها.

وقالت إن شباب داعش يرون في أنفسهم خطأً أنهم في أفضل مراحل عمرهم، بينما الواقع خلاف ذلك، مؤكدة أن الخدمة الوطنية حل من الحلول لتوعية الشباب وتوجيههم إلى ما يعود بالنفع عليهم وعلى الوطن، وكذلك الجامعات حل من الحلول وجميعها تمكين فكري سليم، كما أكدت أهمية الحلقات النقاشية لتوعية الشباب. كما أكدت على أهمية اعتزاز الشباب بثقافتهم وموروثهم الشعبي وأن آباءنا تعاملوا مع مختلف الشعوب.

وحذر الكاتب سعيد ناشيد من أن أنشطة الدعاة المتطرفين تستهدف تجهيل للناس، والتنظيمات الإرهابية لا علاقة لها معرفياً بتراثنا وديننا الإسلامي لا من قريب ولا من بعيد، ويتم توظيف نصوص الدين بغرض الهيمنة والعنف من أجل المتاجرة بالدين، وابن تيمية من الفقهاء الذين عاشوا في عصر مختلف شهد بداية الانغلاق الديني، وهو الذي كفّر جميع الكثير من الجماعات، إلا مجموعة قليلة جداً لم يكَفّرها، ونحن الآن في عصر مختلف يغلب عليه الانفتاح الفكري والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.

وقال: في مدرسة التحليل النفسي، لكل إنسان قوتان هما الحب والبناء، والموت والتدمير، وتتطور نحو غلبة احدى القوتين تبعاً للتنشئة الاجتماعية، ويسعى إلى المحافظة على البناء الذي يشيده، وجمعيات المجتمع المدني قد يكون لها دور كبير في توجيه قوة الفرد، أما بشكل إيجابي أو سلبي، وآلية التحكم عند الإسلام السياسي، أما خلق عدو وهمي أو خلق عدو خارجي، وهنا يحدث تخريب الأوطان، وأول من مارس ذلك في العصر الحديث من المتطرفين هم النازيون، وأهم فكرة عندهم أنهم يحتاجون إلى وجود عدو، وتتحول طاقة الهدم والموت إلى تدمير الذات. 


أما د. عبد الحميد الأنصاري فأوضح أن ثقافة الكراهية هي توليفة من عنصرين الأول هو التكفير والثاني هو التخوين، وعلى مدى نصف قرن استطاع المكفرون والمخونون الهيمنة على منابر التوجيه والتثقيف والتعليم، وتم تسييس الدين وزرع الكراهية في البنية الاجتماعية، وخطف العقول، وأصبح الإنسان العربي المسلم شاباً غير محصن، وثقافة الكراهية هي نتيجة ما حصل من فتاوى التكفير والتخوين، وما نجده من تفجير وتدمير هو نتيجة أيديولوجية التكفير والتخوين. 
وقال إن قلب المؤمن دليله، والداعية المخلص يُعرَف من سلوكياته وفي اتباعه لما يدعو الناس إليه، فلا يدعوهم إلى الزهد وهو واولاده منّعَّمون في بيوتهم. والداعية الذي يتباهى أن له أتباعاً بالملايين ويهدف إلى جمع الأموال هو الذي يتغلف بالدين، وأقبح أنواع التجارة هو التجارة في الدين، والتمييز سهل بين الاثنين.

 
وسألت إحدى الطالبات: لماذا لا نحث الشباب المسلم على استخدام عقله؟

وأجاب د. الأنصاري: المسؤولية فردية في الإسلام، وأي إنسان يستطيع أن يفهم من القرآن ومن الدين أمور الحياة العامة، ومن لا يفهم ذلك يكون سببه تقاعسه الشخصي، وإن بعض الناس يلجأون إلى العلماء في كل شيء بدون داعٍ، مؤكداً أن صناعة الفتاوى أصبحت تجارة وبعض الفضائيات تعتمد على ذلك. وأوضح أن غالبية الشباب المسلم لا يستجيبون لهذه التنظيمات، والذي يستجيب يكون لديه ضعف في التربية أو في التحصين.  

ورداً على سؤال حول كيف نجح "داعش" في استقطاب الشباب، أجاب سعيد ناشيد أن "داعش" من توجهها اختراق أوروبا، لأن الغربي لديه جواز سفر يسمح له بالتحرك بسهولة عالمياً، واستطاع "داعش" اختراق بعض الأوساط والجاليات في أوروبا مع وجود القابلية للتطرف عند هؤلاء الأشخاص المستهدفين، والبيئة الحاضنة والبيئة الملائمة موجودة في مختلف المجتمعات.

وسأل أحد الطلاب الحضور عن أن بعض العلماء يعادون توجهات حكوماتهم، فلماذا يُدخلون بلدانهم وحكوماتهم في إحراجات؟ فقال د. الأنصاري: الدعاة وظيفتهم التنوير والدعوة بالحكمة، ومنهج الإسلام كسب محبة الناس، وليس مهمة العلماء تقمص دور الداعي أو الناشر السياسي أو الأيديولوجي، والرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن هداماً ولا شتاماً، والعلماء الذين يقومون بدور الناشر السياسي يريدون الشهرة. 
وأوضح أن ثقافة الكراهية ليست مقتصرة على المجتمعات الإسلامية، ففي فرنسا يوجد اليمين المتطرف، وتوجد كراهية، والفرق بين المجتمعات الغربية والإسلامية أنه في الغرب هناك مجتمع وإعلام ورأي عام تتحكم وتعالج وتحجم الفكر المتطرف، وفي المجتمعات الإسلامية نفتقد ذلك.